كان يا ما كان في كل عصر وزمان ؛ كان هناك واد اخضر تعلوه تلة عالية تسكنها أميرة أسمها رناد ؛ كانت أميرة الوادي فتاة جميلة ؛ رقيقة ؛ كالوردة الجورية البيضاء بنقاءها وكانت ترتدي ثوبا ابيضا تفتخر به كثيرا ؛ كانت تقف كل صباح على قمة التلة لتراقب كل من على الوادي فتراهم صغار أمام شموخها وكبرياءها
وفي يوم من الأيام أرادت الأميرة رناد أن تنزل إلى الوادي لتلعب ؛ ولم تجد أمها سبيلا لمنعها ؛ ولكنها أوصتها بان تحافظ على ثوبها الأبيض فهو أغلا ما تملك
نزلت أميرة لتلعب فرأت ذئبا في أسفل الوادي ؛ رمقها بنظراته الساحرة ؛ استغل براءتها ؛ فلم تكن تعرف من هو الذئب؛ أحبته وتعلقت فيه فهو أول ذئب تراه ؛ صار يداعبها ويلاعبها ويضحكها ؛ فكم كانت سعيدة وكم كانت بريئة ؛ ولكن الذئب يبقى ذئبا ؛فما أن اقتربت منه وما أن أمنت جانبه وسلمت له قلبها ؛ حتى قذف قاذوراته على ثوبها الأبيض
حزنت أميرة كثيرا وبكت كثيرا _ فستاني الأبيض قد اتسخ ولا سبيل لان يعود ابيضا ناصعا كالشمس كما كان _ولكن لا يهم فقد وجدت من هو أغلا وأثمن وجدت من أحب ومن يرخص أمامه كل ثمين
ومع وعد الذئب الماكر الذي وعدها بأنه سوف يعيد لثوبها بياضه كما كان فور عودته اكتملت فرحتها وعادت لها ابتسامتها ولكن هل حقا سيعود الذئب ؟؟؟
كانت رناد تجلس كل يوم أسفل الوادي تنتظر عودة الحبيب الغادر....ولكنه لم يعد
لم تصدق أبدا أن حبيبها قد رحل عنها بعد أن تخلص من قذارته ليبحث عن ثوب جديد..... لم تكن لتصدق أنها كانت مجرد وعاء جديد لقذارته وأن الذئاب لا تقتني الأوعية المتسخة
وبقيت أميرة الوادي تنتظر .... وحاولت أن تحيك له الحكايات وتلتمس له الأعذار المهم انه أحبها فكبرياؤها يرفض أن يصدق أن ثوبها الأبيض ذهب رخيصاٌ...... وأن الثمن كان هو اكذوبة باسم الحب
الأميرة لم تعد تلك الأميرة التي تنظر من فوق تلتها الشامخة.... لم تعد صاحبة الثوب الأبيض .... أصبحت ترتدي ثوبا مليء بالألوان وتجلس أسفل الوادي تنتظر عودة الحبيب الراحل
أصبحت ترى في كل ذئب يمر عليها حبيبا عائدا...ولكن مهما اختلفت ألوان الذئاب....مهما اختلفت رائحتها مهما اختلفت في مكانتها.... فكلهم ذئاب... وكلهم كانوا يمرون عليها فتلاعبهم ... فيرمون قذارتهم على ثوبها الملون ويرحلون
لم تصدق يوما أن أحدا منهم لم يحبها... ولم يعشقها ...لم يصدق كبرياؤها يوما أنها كانت وعاءاٌ لقاذوراتهم.... وأن الذئاب لا تحتفظ بوعاءٍ مليء بالقاذورات
وهكذا تحولت رناد من أميرة الوادي ذات الثوب الابيض الى أميرة السواد فقد اقامت الحداد على ثوبها الابيض ودقت جرس المزاد
أعلنوا الحداد ؛؛؛ قد فتح المزاد
اعلنوا في البلاد؛؛
قد فتح المزاد؛؛
فهذه بنت لمن أراد؛؛
بنت اسمها رناد؛؛
فتح المزاد؛؛
والكل لقربها عباد؛؛
مسكينة رناد؛؛
فلا تعرف المراد؛؛
وامتلات فخرا وعناد؛؛
بل خافت من الحساد؛؛
فهي عبلة في بنو شداد؛؛
مسكينة رناد؛؛
فتح المزاد؛؛
فريسة مع الف صياد ؛؛؛
حشود وكانه الجهاد؛؛
جمعوا العدة والعتاد؛؛
مسكينة رناد؛؛
فتح المزاد؛؛
فهذا فراس وهذا زياد؛؛
والنصر لمن زاد؛؛
فتح المزاد؛؛
مصري وشامي ومن بغداد؛؛
فتح المزاد؛؛
فهذا تاجر وهذا طبيب وهذا حداد؛؛
فتح المزاد؛؛
مسكينة رناد؛؛
فلو علمت المراد؛؛
لاقامت الحداد؛؛
فتح المزاد؛؛
ولا تخافوا فكل يوم سيعاد؛؛
وكل يوم مزاد؛؛
والنصر لمن زاد؛؛
أعلنوا في البلاد؛؛
فتح المزاد؛؛